Thursday, July 9, 2015

شاهد ماذا فعل السادات مع اليهود فى القاهرة ....

فى إحدى زيارات مناحم بيجين إلى مصر، أيام مفاوضات مينا هاوس بين القاهرة، وبين تل أبيب، طلب الرئيس السادات أن يضعوا بعضاً من فواكه البحر فى طبق رئيس الوزراء الإسرائيلى على العشاء!

لم يفهم المحيطون بالسادات، وقتها، سر هذا الطلب، ولكن كل ما فهموه أن عليهم أن يفعلوا ذلك، وأن يخبروا الرئيس بعد العشاء، بما إذا كان بيجين قد تناول الطبق، وكم قطعة بالضبط؟!

بعدها، أخبرهم السادات بأن مأدبة العشاء كانت فى يوم عيد معروف لدى اليهود، وأن اليهودى المتدين حقاً لا يقترب من فواكه البحر فى هذا اليوم، وأنه - أى السادات - كان يريد أن يعرف ما إذا كان بيجين متديناً بالفعل، أم لا، فهذا ما سوف يستغله الرئيس الراحل فى مراحل لاحقة من المفاوضات، وهو يتعامل مع رئيس وزراء إسرائيل!.. وأظن أن هذا هو ما فعله رئيسنا الراحل طوال مفاوضاته مع الإسرائيليين.

شىء من هذا تذكرته وأنا أتابع مقابلات الرئيس السيسى فى الولايات المتحدة، خصوصاً مع الرئيس الأسبق بيل كلينتون، ثم مع ثلاثة من وزراء الخارجية السابقين هم: هنرى كيسنجر، ومادلين أولبرايت، وهيلارى كلينتون.

لقد أحسست أن لقاءات من هذا النوع بين الرئيس وبين مسؤولين كبار سابقين بهذا الوزن، ليس الغرض منها قطعاً التقاط الصور من جانبهم مع رئيس مصر، ولا الهدف أن يتناولوا معه الشاى، ولا قضاء وقت فى الدردشة، وإنما يريدون فى ظنى أن يخرجوا من لقاءات كهذه وقد حصلوا على إجابة لهذا السؤال: مَنْ هو السيسى؟!.. وكيف يفكر؟!

وإذا قال أحد إن الأمريكان يعرفون بالتأكيد إجابة هذا السؤال، منذ وقت مبكر، فسوف أقول إن هذا جائز، غير أن معرفة كهذه من جانبهم - فى مراحل سابقة - شىء، ومعرفة فى هذه المرة، من خلال رئيس أسبق، وثلاثة وزراء خارجية سابقين، وبشكل مباشر، شىء آخر، خاصة إذا فهمنا أن لقاءات من هذه النوعية يجرى فيها طرح أسئلة محددة سلفاً عن قصد للحصول على إجابات معينة.. أظن هذا وأتصوره.

ولست أشك فى أن كل واحد من هؤلاء المسؤولين السابقين الأربعة سوف يخرج من لقاء الرئيس ليكتب تقريراً للأجهزة الأمريكية المعنية، بحيث تفهم هى منه أكثر ما تريد أن تفهمه عن السيسى، وتحديداً: مَنْ هو.. ثم كيف يفكر؟!

وليست هذه هى المرة الأولى التى نرى فيها مسؤولين «أمريكان» سابقين، يؤدون مهام للدولة، بعد خروجهم من مواقعهم، ربما أهم مما كانوا يؤدونه وقت وجودهم فى مواقع المسؤولية!

وحين تتلفت حولك عن شىء مماثل عندنا، لا تجد، ولا تقع له على أثر، وإنما تجد العكس تماماً، وهو أن المسؤول السابق لدينا يظل كل همه، بعد خروجه، أن يقتنص رئاسة مؤسسة، أو هيئة، أو بنك، يحصل منها على أضعاف أضعاف ما كان يحصل عليه أيام وجوده فى الموقع الرسمى.. والغريب أن الدولة ذاتها تظل تشاركه الهم نفسه، وتبحث له عن مثل هذا الموقع البديل، ليأخذ هو من لحم الحى فى الدولة بدلاً من أن يضيف إليه، بعد خروجه من المنصب!.. ولهذا، مع أسباب أخرى طبعاً، يبقى هذا هو حالهم، هناك فى أمريكا وفى غيرها.. وهذا هو حالنا!

No comments:

Post a Comment